قبل البدء في نقل أي مشروع تجاري إلى السوق أو تطوير استراتيجيته يجب دراسة وتحليل السوق وإعداد خطة مثالية للعمل قبل إطلاق هذا المشروع، فإذا كنت راغبا حقا في الاستمرار والبقاء في دنيا الأعمال، فأنت بحاجة ماسة إلى معرفة كيفية إجراء دراسة وتحليل السوق وعمل بحث شامل عن متطلبات السوق.
دراسة وتحليل السوق
تستهدف عملية القيام بخطوة دراسة وتحليل السوق الوصول إلى معلومات جلية حول حجم السوق ككل من جهة، وماهية القطاعات الأكثر جاذبية من جهة أخرى.
وبلا أدنى شك فإن مثل هذه المعلومات في غاية الأهمية؛ حيث أنها تعد مسؤولة عن تحديد حجم السوق والقطاعات الواجب الاهتمام بها والتركيز عليها، كما أنها سوف تسهم في تقدير حجم الاستثمار ونوعه والتوقيت الملائم له. ومن جهة أخرى، يجب التفريق ما بين السوق الكلي؛ الذي يعبر عن مجموع الإيرادات المتوقعة لمنتجك، وبين السوق المتاح؛ والذي يمثل ذلك القطاع الذي يمكن للمنتج القيام بالمنافسة فيه بقوة وواقعية.
ولا بد من أن تؤخذ مجموعة العوامل المؤثرة بالنسبة إلى دراسة وتحليل السوق بعين الاعتبار، مثل: العوامل الاقتصادية والاجتماعية والديموجرافية والقانونية وغيرها من العوامل.
وبمجرد وضوح الصورة أمامك فيما يتعلق بهذين السوقين، فإنه سوف يكون بإمكانك البدء في جمع البيانات والمعلومات اللازمة عن حجم الإيرادات المتوقعة، والتي يمكن الوصول إليها عن طريق النشرات والتقارير الحكومية، والدراسات السابق نشرها في مصادر مختلفة، أو عبر الانترنت، أو من خلال اللجوء إلى مؤسسة استشارية تجري مثل هذه الدراسات.
ولكن عليك الانتباه جيدا إلى أن مثل هذه المصادر يمكن أن يقدم معلومات متضاربة، أو بعضها قد يكون قديم وغير صالح لوقت القيام بإجراء دراسة وتحليل السوق لذلك يتعين عليك التأكد من مدى صحتها وصلاحيتها.
ثم القيام بتجزئة السوق إلى قطاعات أو شرائح؛ من حيث الحاجات والرغبات التي يمكن للمنتج إشباعها وحجم الطلب المتوقع، والقدرات الشرائية للمستهلكين المحتملين، والأسعار التي يمكن وضعها وما يمكن أن يترتب عليها من إيرادات واستثمارات. وبذلك فإنك سوف تتمكن من تحديد القطاعات المستهدفة وتركيز جهودك المبذولة عليها.
مفهوم دراسة وتحليل السوق
تحليل السوق هو عملية القيام بجمع المعلومات حول السوق المتعلق بمجال عملك، وتسهم عملية دراسة السوق تلك في المساعدة على تحليل المنافسين في السوق ومعرفة ما يجعل الفئات المستهدفة عملاء محتملين لمشروعك.
قد يبدو تحليل السوق عملية مركبة ومتشابكة بل إنها حتى معقدة، ولكنَّه أمر ضروري في حال كنت تريد أن تقود عملك نحو النجاح.
ما الهدف الرئيسي من تحليل السوق؟
في حال كنت تكتب خطة اعتمادية أو تسعى لوضع خطة مفصلة للعمل، فمن المتوقع الاعتماد على طريقة تحليل السوق في صورتها الجامدة. ولكن، لا تقم بتحليل السوق فقط لمجرد أنك تقوم بتطوير خطة. عليك فعل ذلك لأن هذه العملية سوف تساعدك في بناء وتطوير استراتيجية أكثر ذكاء لتنمية عملك.
وبمجرد أن تتوافر لديك معرفة متعمقة بالسوق المتعلق بنشاطك، ستكون في وضع أفضل لتطوير منتجات وخدمات تلقى استحسان عملائك. وعلى الرغم من أن الغوص والتعمق في أبحاث السوق قد يبدو وكأنه من المهام الشاقة ولكن يمكن تقسيمه إلى أربعة عناصر بسيطة يمكن عن طريقها معرفة لماذا يجب عليك إجراء دراسة وتحليل السوق:
١. إلقاء نظرة عامة على الصناعة: حيث عن طريق دراسة وتحليل السوق سوف تصبح قادرا على وصف الحالة الحالية لصناعتك وتحديد إلى أين تتجه.
٢. السوق المستهدف: و يمكن بواسطة ذلك العنصر معرفة من هم عملائك الفعليين؟ وتفصيل أعدادهم وأماكنهم، والتعرف على ماهية احتياجاتهم، ووصف تركيبتهم السكانية.
٣. المنافسة: إذ أنك تصبح قادرا على وصف موقع منافسيك، وتحديد نقاط القوة والضعف الخاصة بهم.
٤. التسعير والتوقعات: يسهم التسعير الخاص بك في تحديد طريقة وكيفية توطين شركتك في السوق، وكذلك تعرض توقعاتك المختلفة الجزء الذي تطمح في الحصول عليه من السوق
وبعد معرفة الهدف من دراسة السوق من خلال التعرف على ما هي عناصر دراسة السوق؟ يجدر الإشارة إلى إسهامات تحليل السوق بالنسبة للمشروع الخاص بك على وجه التحديد ومدى قدرتها على رسم خارطة الطريق لتحقيق الهدف المنشود.
أهمية تحليل السوق لمشروعك
- يسهم تحليل السوق الخاص بمجال نشاطك في بداية وانطلاق عملك بقوة.
- تساعد مسألة تحليل الأسواق على الحد من المخاطر وتقللها لأنها تمكنك من فهم عملائك وإدراك ظروف السوق بكيفية أفضل.
- يساعد امر دراسة السوق المستهدف أيضًا في الوصول إلى ما يجعلك مختلفًا عن المنافسين، ومعرفة الميزات التنافسية التي تستحق الاهتمام بها والتركيز عليها.
- تعمل أبحاث السوق على النهوض بمشروعك ونقله إلى مستوى أفضل سواء كنت تضع حجر الأساس لبدء مشروع جديد أو تطور نشاط تجاري قائم بالفعل.
7 خطوات رئيسية لإجراء دراسة وتحليل السوق
يستغرق أمر القيام بإجراء تحليل السوق وكتابته وقتًا كبيرا من البحث فهو لا يعد شيئًا يمكنك إعداده ما بين عشية وضحاها وإن كنت باحثا عن ما يمكنه مساعدتك وارشادك خلال رحلة إعداد تحليل السوق، عليك اتباع الخطوات السبع التالية:
الخطوة الأولى: تحديد الهدف من تحليل السوق
هناك العديد من الدوافع التي تجعل الشركات تسعى نحو إجراء أبحاث السوق والتي يمكنك القيام باستخدامها في الآتي:
- تقييم مستويات مخاطر الأعمال.
- مواجهة التحديات والتهديدات والعوائق المختلفة.
- تقليل احتمالات التعرض للمشكلات.
- خلق مزيد من الفرص.
بحيث يمكن النظر إلى المشكلات السابقة على بوصفها دليل لتقليل المخاطر المستقبلية، كما يمكنك القيام بتحليل النجاحات والانجازات السابقة لمعرفة ما تحتاج إليه تحديدا واستمرار القيام به مستقبلا.
و يتطلب تحليل السوق تحديد ما إذا كان هذا التحليل يتم لأغراض داخلية أو خارجية، بحيث تشمل الأغراض الداخلية تحسين معدلات التدفق النقدي أو العمليات التجارية، في حين تتمثل الأغراض الخارجية في محاولة إقناع المقرضين بالموافقة على منحك قرضًا تجاريًا.
ومن الضروري تحديد ما إذا كانت دراستك سوف تكون داخلية أو خارجية أو الأثنين معا قبل متابعة القيام بالبحث.
الخطوة الثانية: النظر إلى توقعات المشروع
عند تحليلك، قم بتحديد الحالة الراهنة لمشروعك وانظر إلى توقعاته واذكر إلى أين يتجه عملك باستخدام المقاييس المختلفة مثل الحجم والاتجاهات ومعدل النمو المتوقع، وكذلك عليك التأكد من وجود بيانات ذات صلة تفيد في عمل نسخة احتياطية من احتياجاتك.
سوف يتيح هذا القسم للمستثمرين أو المقرضين على حد سواء معرفة أنك قد قمت بواجبك في مجال عملك ومشروعك، كما أنه سيوضح لهم ما إذا كان هذا المشروع جدير بوقتهم ومالهم أم لا.
الخطوة الثالثة: تحديد الفئات المستهدفة
في حقيقة الأمر أنه لن يكون أي شخص عميلا مخلصا لك فإنه عند دراسة وتحليل السوق، يجب عليك تحديد من هم عملائك المحتملين، وهذا الجزء من العملية يطلق عليه تحليل السوق المستهدف.
وبالتالي يتعين عليك فهم من هم عملائك ومن أين قد أتوا، كما يجب أن تقوم دراستك السوقية برسم صورة واضحة لعملائك المحتملين وفي سبيل إجراء مثل هذا الأمر عليك الاهتمام بعدة أمور لعل من أبرزها:
- العمر.
- الإيرادات.
- الجنس.
- الموقع.
- المستوى التعليمي.
- الحالة الإجتماعية.
فبمجرد تضييق نطاق عملائك، تتعرف بصورة أفضل على احتياجاتهم واهتماماتهم وشخصياتهم وديموغجرافياتهم.
كما عليك أيضا أن تضع في اعتبارك إنشاء Persona الخاصة بالفئة المستهدفة من خلالك بناءً على بحثك فالعديد من الشركات لديها أكثر من بيرسونا، تهتم بتجميع خصائص العملاء المختلفة.
فيمكن أن يساعدك أمر تحديد السوق المستهدف في تلبية احتياجات العملاء بشكل أفضل مستقبلا وإشباع متطلبات السوق، بشكل أكثر كفاءة.
ومع نمو النشاط التجاري الخاص بك، قد يتطور عملائك المحتملين أو يتغيرون تماما، لذلك عليك أن تبقى على اتصال دائم بهم، وتتابع احتياجاتهم باستمرار، ومن ثم تنجح في المحافظة على رضاهم عنك دائما.
الخطوة الرابعة: دراسة ومقارنة المنافسين
لمزيد من النجاح في عملية تحليل و دراسة السوق والمنافسة تحتاج إلى فهم منافسيك بشكل جيد ويجب كذلك أن تعرف من من العملاء يحاول منافسوك استهدافهم.
ولا عليك في أخذ وقتك في البحث عن الأنشطة التجارية الأخرى الموجودة، والنظر إلى أشياء مثل عروض المنافسين وموقعهم وعملائهم المستهدفين وكذلك عيوبهم وثغراتهم في السوق.
كما عليك صنع قائمة بجميع المنافسيين الرئيسيين لك، ومراجعة كل واحد منهم في القائمة وتحديد نقاط القوة والضعف لديه (تحليل SWOT) وبمجرد تعيين نقاط القوة والضعف والفرص والتهديدات الخاصة بهولاء المنافسين، قم بترتيبها من الأكثر تهديدا إلى الأقل. وبعد ذلك، حدد مزايا شركتك ومكانتها التسويقية.
الخطوة الخامسة: جمع البيانات الإضافية
يمكن القول أن معلومات هي الحليف الأكبر لك عندما يتعلق الأمر بعمليات إجراء دراسة وتحليل السوق، والتي سوف يكون عملك أفضل بعد جمعها وبالتالي يجب أن تكون البيانات المتوفرة لديك كما يلي:
- موضوعية وغير متحيزة.
- ذات صلة بالموضوع.
- واقعية.
- دقيقة ومفصلة.
- من مصادر موثوقة.
وفي سبيل تحقيق سمات المعلومات السابق ذكرها يمكن الاستفادة من الموارد المختلفة مثل مكاتب إحصاءات العمل، مكاتب التعداد، المواقع المختلفة الخاصة بالتجارة الحكومية والمحلية، ومقالات الصحف التجارية، بالاضافة إلى نقاط القوة والضعف لدى المنافسين، استبيانات السوق المستهدف، والمعلومات التي تم الحصول عليهل من المقابلات أو المجموعات المركزة في السوق المستهدفة
الخطوة السادسة: تحليل النتائج
بعد القيام بتحليل السوق، يحين وقت إلقاء نظرة عامة على النتائج الخاصة بك. بحيث يتعين عليك ان تضع كل دراستك ونظّمها باستخدام أقسام مختلفة، والقيام بتضمين أقسام للهدف الخاص بك، والسوق المستهدفة، والمنافسين بالإضافة إلى عدة أشياء أخرى يجب الحرص على تضمينها في هذه النتائج نذكر أبرزها على النحو التالي:
- النظرة العامة على حجم العمل الخاص بك وتقييم معدلات النمو.
- الحصة السوقية المتوقعة.
- النظرة المستقبلية للمشروع.
- العروض والخصومات التي تخطط لتقديمها.
- تحديد اتجاهات الشراء.
- معدل النمو المتوقع لنشاطك التجاري.
- أسعار العروض.
- المبالغ التي يرغب العملاء في دفعها.
- مجموعات العملاء.
بناءً على بحثك، سوف تتمكن من توقع مزيد من الأشياء الأخرى اللازمة لعملك، مثل مجموع التدفق النقدي والهامش الربحي وعادات شراء العملاء.
الخطوة السابعة: وضع التحليل موضع تنفيذ
قد تبدو مهمة إجراء دراسة وتحليل السوق من المهام الشاقة، لكن تحقيقك للنجاح المبهر مستقبلا سوف يكون نتيجة مترتبة على هذه المشقة والمجهود المبذول.
أي أنَّك ستقضي مزيد من الوقت في العمل على دراسة وتحليل السوق لكنّ الأمر بلا شك يستحق كل ذلك العناء وفي النهاية عليك أن تضع تحليلك هذا موضع التنفيذ.
وإن كان تحليل لأغراض داخلية، انظر إلى كيفية استخدام النتائج وتسخيرها لتحسين عملك واستخدم تحليلك ذلك في سبيل معرفة ما إذا كان يمكنك جعل أي من عمليات مشروعك أكثر جودة وكفاءة.
أمّا إذا قمت بإجراء التحليل لأغراض خارجية، فعليك أن تكون مستعدًا للتحدث مع المقرضين والمستثمرين حول دراستك التي اجريتها واستنتاجك الذي توصلت إليه.
دراسة وتحليل السوق في سطور
وفي النهاية يمكن القول، على سبيل الاختصار، إن دراسة وتحليل السوق تعد عملية تقييم نوعي وكمي شامل للسوق الحالي، إضافة إلى كونها تعد عملية تستهدف جمع المعلومات حول السوق داخل الصناعة.
وتركز دراسة السوق بشكل أساسي على امور فهم وتحليل ديناميكيات السوق، ومجموعة العوامل المؤثرة في العملاء سوأي بالسلب أو بالإيجاب أيي معرفة وتقييم هذه العوامل التي تسهم في تحفيزيهم للشراء أو التي تنفرهم منه.
ويعني دراسة وتحليل السوق كذلك فهم حجم وقيمة السوق، وإدراك شرائح العملاء المحتملين وأنماط الشراء الخاصة بهم، واوضاع المنافسين، ووضع صورة عامة للبيئة الاقتصادية العامة، بما في ذلك العوائق التي تحول دون دخول السوق والتشريعات واللوائح التي تخضع لها الصناعة أو تحكمها بشكل عام.
ويمكن القول أن عملية دراسة وتحليل السوق تمر بأربعة مراحل رئيسية قد تتجزأ إلى عدة عناصر وتتفرع إلى مجموعة خطوات، بمعنى أنها في المجمل تسعى للإجابة عن أربعة أنماط مختلفة من الأسئلة؛ إذ إنها تحاول
أولًا:
استكشاف الوضع العام للسوق والوقوف عليه، إضافة إلى معرفة الاتجاه الذي تسلكه الصناعة موضوع الدراسة والتحليل وما المتوقع بشأن مستقبلها.
و ثانيًا:
التركيز على معرفة العملاء فتحليل السوق يعني في الشق الأكبر منه تحليل العملاء ومعرفة الفئات الأنسب والتي عليك استهدافها ومعرفة احتياجاتهم ورغباتهم بدقة؛ وهذه مسألة رئيسية واجبة ولا محيد عنها.
وثالثًا:
الوقوف على طبيعة المنافسين في السوق ومدى نفوذهم وقوتهم، وتحديد نقاط القوة والضعف التي لديهم فنقاط ضعفهم هي الثغرات التي سأي تسمح لك بالنفاذ والتسلل إلى السوق، والتي يمكن من خلالها تقديم قيمة مضافة للعملاء.
أما رابعًا:
فيمكن تلخيصها في مسألة التسعير، وهي مسألة في غاية الأهمية ولكن مهم كذلك إدراك أن دراسة وتحليل السوق يساعد في وضغ الشركة داخل السوق بالموضع الصحيح، وتقديم منتجات بأسعار تناسب القدرة المالية للفئة المستهدفة.
بذلك نكون قد انتهينا من عرض أهم ما يتعلق بمسألة دراسة وتحليل السوق